علاج الشهوة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

السؤال:

أنا شاب أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، وكنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت، ولم أكن أعلم بحرمتها ولا مضارها إلا منذ زمن قريب، وبعد ذلك حاولت التخلص منها بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى، فكرت في الزواج، ولكن حالتي المادية لم تسمح بذلك فأنا أمتلك القوة الجسمية أما المالية فلا. بدأت أبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وكلما خرجت منها أو استخدمت العادة السرية بكيت ودعوت الله بالمغفرة، ولكن سرعان ما أرجع إليها في اليوم التالي، مستواي الدراسي انخفض وآثار العادة بدأت تظهر عليَّ، وأملي فيكم كبير بعد الله أن تساعدوني في حل هذه المشكلة وجزاكم الله خيراً. 

الجواب:

أخي الكريم... قرأت رسالتك، وآلمني ما أصابك، واعتصر قلبي وأنا أقرأ حزنك من وقع الكلمات أعانك الله وربط على قلبك -، وقد أدركت معاناتك، وإليك الجواب:

أولاً: يجب أن تعلم أن ما أصابك من الذنوب هو مقدر عليك، ولعل ذلك بسبب تقصيرك في أمر ربك، وذلك أن تكون عقوبات لذنوب سبقت أو لتقصير في حمل النفس على الطاعات.

 

ثانياً: أنت على خير إن شاء الله في محاولاتك، وحزنك، وتألمك على ما حصل منك، وهذا يدل على إيمانك ورجائك لما عند الله، وخوفك من عقابه.

ثالثاً: أنت قادر وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك. 

رابعاً: أنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، أغمض عينيك واسترخِ في مكان خالٍ,، وقل في قرارة نفسك أنا قادر على إصلاح نفسي، أنا رجل، ولدي القدرة على النجاح (عشرين مرة) يستوطن في عقلك الباطن قدرة تخرج عقدة الفشل، وغيِّر حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، وابتعد عن الإنترنت، وقل: "سَلاَمٌ عَلَيكُم لاَ نَبتَغِي الجَاهِلِين" [القصص: 55] ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، فأصبحتَ عبداً لها، فهل يفعل العاقل ما يضره ولا ينفعه؟ كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم عادة تسيرك فتمارسها فتدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة، تذكر اللذَّات الماضية، هل تسعدك الآن أم تشقيك؟ فهل من العقل والحكمة أن يفعل ما يندم المسلم عليه في الدنيا قبل الآخرة، فالصبر عن الشهوة أيسر من الحزن ومعالجة التوبة.

أخي أراك تسكب الزيت على النار، وتقول: لما ذا تشتعل هذه النار؟ كيف تقوم باستدعاء المواقف والصور من خيالك وأرشيف عقلك وتتلذذ بذلك فيعظم سلطان الشهوة ويثور بركان الرغبة لهذه الفعلة -سبحان الله- ما هكذا يكون العلاج إذا مر بخاطرك مشهد يؤثر عليك فاقطع حبل الخيال، وقم واخرج من المكان، واعمل ما يصرفك كأن تتصل بالهاتف أو تخرج بالسيارة، وأما مشاهدتك للصور عبر الإنترنت فهذا يحتاج إلى استئصال، غض بصرك عن النظر إلى من تحب، ولا تغشى المواقف التي تستثار فيها شهوتك كالأسواق، وأمام المدارس، أو في مدرستك أو في المناسبات، احرص على قراءة القرآن، وطول المكث في المسجد والمبادرة إلى الصلاة، وكثرة زيارة القبور وتشييع الموتى، وحاول أن تربط نفسك بالصالحين من عباد الله تجد في أخلاقهم حُسناً، أكثر من ذكر الله في خلوتك، وصل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأكثر من ذلك.

 

وهناك وسائل خاصة جداً:

لا تأوِ إلى الفراش إلا إذا غلبك النوم، لا تنم وحدك، ولا تجلس في الحمام إلا بقدر الحاجة، وادخل وأنت خائف، فإذا خرجت وسلمت فافرح، واحمد ربك، ولا تنم إلا على طهارة وعلى جنبك الأيمن، ولا تنم على بطنك، والبس من السراويل ما هو واسع، وإياك والضيق والقصير، وابتعد عن جميع الكتب والمجلات والصور والمحالّ التي تذكر بما فيك، وإياك والتحدث للآخرين عن عملك، واستتر يستر الله عليك.

وإني أختم رسالتي إليك بآية من كتاب الله، وحديث من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقد قال تعالى-: "قُل يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لاَ تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ اللهِ إِنَّ الله يَغفِرُ الذٌّنُوبَ جَمِيعاً" [الزمر: 53] بل يبدلها لك حسنات إن صدقت توبتك -، والذِّينَ لاَ يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ باِلحَقِّ ولاَ يَزنوُنَ ومَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثاَماً" إلى قوله: "إلاَّ مَن تاَبَ وَ آمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صاَلِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاَتِهِم حَسَناَتٍ, وكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الفرقان: 86-70]. 

وأما الحديث فهو بشرى لك ما دمت تجاهد نفسك.

ولفظه: "أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهمَّ اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله - سبحانه : عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت، فقد غفرت لك" أخرجه مسلم(2758).

والله أسأل أن يحفظك من نفسك والشيطان، ويقر عينك بالاستقامة على الصراط المستقيم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply