السمنة خطرها وسبل الوقاية منها


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

الحديث عن السمنة ليس بحديث جديد فقد طرق كثيراً، ولكن لخطورته على الصحة ولما له من انتشار واسع على مستوى العالم وخاصة في المملكة العربية السعودية دعاني للكتابة في هذا الموضوع الذي قد لا يأبه به البعض! وهو الخطر المحدق بهم كما أن الأخطار التى تنجم عن السمنة، قد تكون في صورة مرض أو إعاقة، أو قد تهدد حياة الإنسان، كما أن التغلب على السمنة يحتاج إلى عزيمة وإصرار، لإحداث تغيير في عادات غذائية غريبة على المجتمع المسلم.

وديننا الحنيف يحض على عدم الإسراف في المأكل والمشرب، كما يحضنا على المحافظة على صحتنا وقوتنا وممارسة الرياضة، مثل: السباحة، والرماية، وركوب الخيل، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطن، بحسب بل آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"(1). وهذه نصائح وتوجيهات تجنبنا السمنة وأخطارها.

 

ما هى السمنة؟

السمنة هي زيادة الوزن بما يزيد على 20%من الوزن المثالي، وطبقاً للتعريفات الحديثة فإن السمنة هي: مرضٌ مزمن له عوامل عديدة متداخلة مسببة له، وله مظاهره المرضية والتغير في الشكل التشريحي للجسم، كما أنه يؤدى إلى العديد من الأمراض والإعاقات الخطيرة، كما أن له الوسائل الوقائية والعلاجية المثبتة علمياً.

وفى المملكة العربية السعودية تفيد الدراسات الحديثة بأن 29 % من الرجال يعانون من زيادة الوزن مقابل 27 % من النساء في حين اتضح أن معدلات السمنة بين النساء 24 % ترتفع بدرجة أكبر عن الرجال بنحو 16 %، وهذه النسبة تعد من أعلى المعدلات على مستوى العالم لا سيما بين النساء، أما الأطفال فحدث ولا حرج بسبب سوء تغذيتهم، ونهمهم في تناول الحلويات والسكريات.

 

كيف يمكن قياس السمنة؟

إن قياس كتلة الجسم يمكننا من قياس الوزن الزائد وقياس السمنة.

قياس كتلة الجسم:

هو قياس لتقييم وزن الفرد بالنسبة للطول، ومن الممكن من خلال هذا المؤشر معرفة ما إذا كان الوزن مثالياً أو زائداً أو منخفضاً.

ومن الممكن حسابه بصورة مبسطة وذلك بقسمة الوزن (بالكيلوجرام) على مربع الطول (بالمتر).

قياس كتلة الجسم للبالغين:

1-              أقل من 18,5 نحيف.

2-              من 18,5إلى 24,9 وزن مثالي.

3-              من 25 إلى 29,9 وزن زائد.

4-              من 30 إلى 35 سمنة متوسطة

5-              من 35 إلى 40 سمنة شديدة.

6-              أكثر من 45 سمنة مرضية.

فإن كان الوزن 96 كجم والطول 1,74 متر فإن مؤشر الوزن المثالي= 96 – 1,74×1,74 = 31,7 وهذا يعني أن هذا الشخص يعانى من السمنة.

 

أسباب السمنة:

بصورة علمية فإن السمنة تحدث عندما يتناول الفرد سعرات حرارية أكثر من التي يقوم بحرقها. وعدم التوازن هذا له أسباب عديدة:

أ- العمر:

تزيد السمنة في المرحلة العمرية بين العشرين والأربعين، ولكن السمنة التي تحدث في الطفولة تستمر في مراحل العمر الأخرى، بسبب زيادة عدد الخلايا الذهنية، ولكن مع الرغم من ذلك فإنه من الممكن علاجها.

ب- العوامل الوراثية:

تزداد السمنة إلى أن تحدث في عائلات، فبالإضافة إلى العوامل الوراثية التي تؤثر في قابلية الجسم للسمنة، وفي كمية الدهون في الجسم، فإن أفراد العائلة الواحدة يتشاركون في نفس العادات الغذائية ونفس أسلوب الحياة.

ج - العوامل البيئية:

وتشمل أسلوب تناول الطعام ونوعه وكمياته، ومستوى النشاط الجسدي، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع تغيير العوامل الوراثية، فإننا بالتأكيد نستطيع تغيير عاداتنا الغذائية ومستوى نشاطنا الجسدي.

د- الهرمونات:

مثل انخفاض هرمون الغدة الدَّرقية أو النخامية، أو انخفاض الهرمونات الذكرية أو زيادة هرمون الكورتيزون، سواء في الجسم أو في الأدوية.

ه - العوامل النفسية:

والتي قد تؤثر على العادات الغذائية، فيلاحظ أن بعض الناس يتناولون الطعام عند الشعور بالضجر أو الحزن أو الغضب، بشهية ونهم.

ويجب ملاحظة أن الجلوس لوقت طويل أمام الإنترنت أو التلفاز أو الألعاب الإلكترونية من أهم أسباب السمنة عند الأطفال، لأن ذلك يسبب كثير من الخمول والكسل، كما أن عدم ممارسة الأنشطة الرياضية التي تعمل على فقد السعرات الحرارية والدهون الزائدة في الجسم يؤدى إلى السمنة.

وترتبط نوعية العمل بالسمنة، فإن الأشخاص الذين يزاولون أعمالاً مكتبية لساعات طويلة، دون بذل أي نوع من الأنشطة الرياضية، هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة.

 

الإضطرابات الناتجة عن السمنة:

1-              اضطرابات عملية التمثيل الغذائي: عند البالغين، يتضخم حجم الخلايا الدهنية وهذه الخلايا تقل حساسيتها تجاه الأنسولين، فيحاول البنكرياس تعويض ذلك بإفراز كمية أكبر من الأنسولين، فيزيد الأنسولين في الدم، وفي النهاية لا يستطيع البنكرياس أن يحقق الكمية المطلوبة من الأنسولين، ومع وجود مقاومة الجسم للإنسولين يحدث مرض السكري.

2-              أمراض القلب والشرايين: مثل تصلٌّب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، وقصور الدورة الدموية في القلب، وأعراض الذبحة الصدرية، وجلطة القلب بسبب الترسبات الدهنية في الشرايين التاجية، مما قد يؤدى إلى ضيق أو انسداد هذه الشرايين محدثة الذبحة الصدرية أو الجلطة القلبية، أو قصور الدورة الدموية في المخ أو الموت المفاجيء.

3-              أمراض الجهاز التنفسى: بسبب نقص التهوية الرئوية وخاصة في النوم، وقد يؤدى إلى مرض القلب الرئوي المزمن، وكذلك المعاناة من ضيق التنفس.

4-              أمراض الكبد والمرارة: تترسب المواد الدهنية في خلايا الكبد، وهذا الترسب يؤدي إلى إتلاف خلايا الكبد، وفي السمنة المفرطة قد يؤدى إلى تشمٌّع الكبد، وتؤدى السمنة إلى كسل في إفراز الحويصلة المرارية، وتكون حصوات المرارة والتهاب المرارة المزمن.

5-              أمراض العظام والمفاصل: إن زيادة الوزن تؤدي إلى زيادة الضغط على الغضاريف المفصلية، وهذا الضغط المزمن يؤدي إلى تآكل هذه الغضاريف، وخاصة في المفاصل التي تحمل وزن الجسم، وخاصة العمود الفقري والورك، والركبة وهذا يؤدى بدوره إلى صعوبة الحركة والميل إلى الإقلال من النشاط الحركي، مما يزيد من السمنة.

6-              أمراض الغُدد الصَّمَّاء: في النساء، اضطرابات الدورة الشهرية، وتكيِّسات المبيض والعقم. وفى الرجال: حدوث الضعف الجنسي.

7-              الأمراض النفسية: مثل القلق والإكتئاب، وكذلك سرعة الغضب والنرفزة.

8-              الأورام: فإن الرجال الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة لسرطان القولون والمستقيم والبروستاتا، كما أن النساء الذين يعانون من السمنة يكونون عرضة أكثر لسرطان المرارة والثدي والرحم والمبايض.

 

كيف يمكن علاج السمنة؟

إن طريقة العلاج تعتمد على مستوى السمنة، وعلى الحالة الصحية العامة، وعلى الدوافع لفقد الوزن. وقد يشمل العلاج الغذاء والتمارين الرياضية، وتعديل السلوك، وفي بعض الأحيان أدوية طبية، وفي بعض حالات السمنة الشديدة قد يتم اللجوء إلى العمليات الجراحية.

 

كيف يمكن فقد الوزن؟

إن وزن الجسم يتم التحكم فيه من خلال عدد السعرات الحرارية التى تتناولها، وعدد السعرات الحرارية التي تحرقها كل يوم، ولكي تفقد وزناً فإنك تحتاج إلى أن تفقد سعرات حرارية أكثر من التى تتناولها، وتستطيع أن تؤدى ذلك بأن تضع برنامجاً للأكل الصحي، وتتبعه ببرنامج للنشاط الرياضي المنتظم. والبرنامج المثالي هو الذي يضمن لك بإذن الله أن تفقد من نصف إلى واحد كيلوجرام في الأسبوع.

 

الغذاء المتوازن:

يجب حساب السعرات الحرارية لجميع الأطعمة التي يتم تناولها:

الألبان: اللبن- الحليب- الزبادي- الجبن (ويفضل قليل الدسم).

اللحوم: اللحم البقري والضأن والإبل والأسماك والدجاج والرومي (وفي برامج الحمية تفضل الأسماك عن الدجاج، ويفضل الدجاج عن اللحم، ويتم اختيار اللحم الخالي من الشحم والدهن، وينزع الجلد من الدجاج وباقي الطيور).

البقوليات: الفاصوليا والبَازلاَّء والفول والعدس والحمص.

الخضروات الورقية الطازجة: مثل الخس والجرجير والبقدونس.

الفاكهة الطازجة: مثل التفاح والخوخ والكمثرى (وفي برامج الحمية يفضل الإقلال من العنب والتمر والتين والمانجو).

والغذاء الصحي هو: المتوازن كما بينا، كما أنه يكون خالي من الدهون المُشبعة والكوليسترول، ويحتوى على كمية قليلة من الملح، ولكنه يحتوي على كمية كبيرة من الفاكهة والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة

 

النشاط الرياضى المنتظم:

ويعمل النشاط الرياضى المنتظم على فقد الوزن، والحفاظ على ذلك، كما أنه يُحَسِّن النشاط العام والحالة المزاجية، ويقلل من خطورة حدوث أمراض القلب والسكري والسرطان، وإن أي كمية من النشاط الرياضي أفضل من لاشيء، ولكن الدراسات العلمية توصى بأداء نصف ساعة من النشاط الرياضي متوسط القوة لمعظم أيام الأسبوع على الأقل، وعلى سبيل المثال المشي النشيط مسافة (3) كم في نصف ساعة.

 

هل أستطيع أن أواظب على فقد الوزن؟

توجد طرقٌ عديدة لفقد الوزن، ولكن ليس من السهل المحافظة على الوزن. ومفتاح النجاح لفقد الوزن هو عمل تغييرات في العادات الغذائية، وفي مستوى النشاط الرياضي اليومي.

 

نصائح عامة:

1-              احذر البرامج التي تطلب منك أن تشتري أغذية سابقة التجهيز، فإن ذلك يجعلك لا تتعلم كيفية اختيار الطعام الصحي ومهارة إعداد الطعام الصحي.

2-              تجنب البرامج التي تقترح معادلات غذائية معينة، أو تركيبات معينة لفقد الوزن في فترات زمنية قصيرة، فإن بعض هذه المعادلات قد تنجح لفترة قصيرة، ولكن لا تفي باحتياجات الجسم الأساسية، وقد تؤدي إلى بعض المشاكل الصحية كما إنها لا تصلح للاستمرار عليها.

3-              تجنب البرامج التي لا تشتمل على خطة للنشاط الرياضى المنتظم.

4-              استشر طبيبك قبل تناول أي أدوية أو أعشاب للتخسيس.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply